نعمة محمد عبد الرحيم شخصية هامة
عدد المساهمات : 930 تاريخ التسجيل : 21/11/2010 الموقع : المنيا / مصر
| موضوع: بقية من أمل بقلم د. يحيى الجمل ديسمبر 27th 2010, 15:56 | |
| بقية من أمل
بقلم د. يحيى الجمل ٢٧/ ١٢/ ٢٠١٠ الذى ينظر حوله فى كل نواحى المشهد المصرى يحس بغير قليل من المرارة، خاصة إذا اقترنت هذه النظرة بنوع من المقارنة بين ما يجرى لدى الغالبية من دول العالم، وما يجرى عندنا.
فى العالم الفسيح من حولنا نشاهد دولاً لم يكن لها دور أصبح لها دور فى إقليمها بل فى عالمها كله، ونحن كان لنا دور فقدناه.
إن الذى ينظر إلى دول مثل الصين والهند وماليزيا وتركيا وما حققته من تقدم فى كل مناحى الحياة، وينظر إلى حالنا تنتابه الحسرة.
وكل هذه البلاد التى ضربنا بها الأمثال كانت منذ نصف قرن من الزمان ترزح تحت مشاكل عاتية، ولكنها قررت بجدية أن تخرج مما هى فيه، وأن تحقق التقدم لأهلها وبأهلها، وقد فعلت ذلك.
كل هذه البلاد منذ نصف قرن- أو ما يدور حول ذلك- كانت وراءنا فى مجالات كثيرة والآن وصلت إلى ما وصلت إليه مما يجعلنا نتطلع إليها بانبهار بل بإحساس بالعجز أحياناً.
ترى لماذا تقدموا ولماذا تخلفنا وهل هناك أمل فى اللحاق بركب المتقدمين؟
أقول ذلك وقلبى يئن من الألم والوجع لأنه عاشق لمصر، ولا يريد أن يراها إلا متقدمة. أهلها سعداء متعلمين أصحاء.
أحياناً كثيرة ينتابنى شعور بأنه لم يعد هناك أحد يفكر فى مصر، ويعمل من أجلها وأن الناس جميعاً- أو غالبيتهم- قد انصرفوا إلى مصالحهم الخاصة وأغراضهم القريبة وباعوا القضية كما يقال.
ومما يزيد النفس مرارة وألماً أن بعض «الفرسان» قرروا أن يترجلوا وأن ينضموا إلى أولئك الذين باعوا القضية من أجل راحة بالهم هم، وليس من أجل هذا البلد الحبيب: مصر.
انظر حولك إلى غالبية الأحزاب المصرية فإنك سترى هياكل فارغة من المضمون وستجد أناساً يصارع بعضهم بعضاً، وستجد أن الشجار يدور حول فتات. وستجد أن قضية الوطن غائبة أو تكاد.
ومع ذلك كله فإن هذه الصورة القاتمة والتى ازدادت قتامة بعد الانتخابات الأخيرة ليست كلها سواداً فى سواد.
تلوح بقع ضوء هنا أو هناك. وعندئذ سنقول إن الشرفاء مازالوا موجودين وإن كانوا قلة قليلة. ولكنهم موجودون على كل حال. ولكن هؤلاء الشرفاء متفرقون لا يدركون أن فرقتهم ستؤدى بهم يوماً إلى وهاد اليأس والألم. ولا حل أمام هؤلاء الشرفاء إلا أن يلتقوا وإلا أن يتفقوا على الحدود الدنيا التى لا مناص منها لإنقاذ هذا البلد.
وليس ذلك بعزيز على الشرفاء الذين وضعوا مصلحة مصر ومستقبل مصر قبل مصالحهم وأجنداتهم الخاصة. ولا أحد يطلب من هؤلاء صناعة المستحيل. إن الناس جميعاً حتى الشرفاء منهم ليسوا أبطالاً ومن العبث أن نطالبهم بأن يكونوا أبطالاً. ولكن الشرفاء مع ذلك إذا التقوا واجتمعوا وتحاوروا واتفقوا على الحدود الدنيا اللازمة لإصلاح هذا البلد والتى تتمثل فى ضرورة تغيير منظومة الحياة السياسية والاجتماعية فإنهم بإصرارهم وإيمانهم سيصلون إلى تحقيق الهدف المنشود وهو إصلاح مصر وإعادتها إلى طريق التقدم.
لا أحد يفكر منذ الآن فى أن ينصهر هؤلاء الشرفاء فى بوتقة واحدة ولكنَّ التقائهم واتفاقهم على الحدود الدنيا للإصلاح، ثم السعى إلى تحقيق هذه الحدود الدنيا بدأب وإصرار واستعداد لدفع التضحية ستزيد الناس إيماناً بهم والتفافاً حولهم يوماً بعد يوم، وسيدركون أن ما يجمع بينهم أكثر بكثير مما يفرق بينهم وستزداد مساحة الالتقاء والاتفاق، وعندئذ يقترب يوم الخلاص.
والشىء الإيجابى- وسط عتمة الظلام- أن هذا الذى أقصده من التقاء الشرفاء فى هذا البلد قد تبلور مرتين فى السنوات الأخيرة.
مرة فى التجربة التى قادها المرحوم الدكتور عزيز صدقى والتى انفرطت بوفاته.
وقد عاد كثير من الشرفاء للالتقاء فى الفترة الأخيرة فى صورة الجمعية الوطنية للتغيير، ورغم ما تمر به الجمعية من مصاعب، فإنها صامدة مؤمنة بأن قدرها أن تثبت وأن تعمل من أجل التغيير، وأن تحاول أن تجمع الناس العاديين حولها، وأتصور أن أعضاء الجمعية يدركون أنهم ينتمون إلى منابع مختلفة، ولكن الجامع بينهم هو الرغبة الأكيدة فى إنقاذ مصر، ووضعها على طريق التقدم.
ولا مانع من أن يشعر هذا الفارس بالتعب يوماً حتى إنه ليقرر فى ساعة ألم أن يستريح ويتخلى، ولا مانع أن يشعر هذا الفارس بأنه مشتت بين الداخل والخارج، ولا مانع من أمور سلبية كثيرة ولكن المهم أن تسير القافلة فى جملتها تدعو الناس إلى الإيمان بضرورة التغيير، والعمل على إحداث ذلك التغيير.
ومما يزيد الأمل فى النجاح العناصر الشابة المؤمنة بضرورة العمل من أجل التغيير. حقيقة هم قلة بين أقرانهم من الشباب الذين فقدوا معنى الولاء، ولم يعودوا يفكرون إلا فى أنفسهم، وفى يومهم قبل غدهم، ولكن هذه القلة الواعية من الشباب هى التى تمثل بقية الأمل.
بحكم عملى وبحكم ما أحضر من ندوات ولقاءات- على قدر مستطاعى- فإننى أرى شباباً واعدين مؤمنين بهذا البلد راغبين فى العمل من أجله لأنهم يدركون أن العمل من أجل هذا البلد هو فى الوقت نفسه عمل من أجلهم ومن أجل مستقبلهم، ومن أجل حياة كريمة يحلمون بها.
يا شرفاء مصر. مصر محتاجة إليكم جميعاً فلا تخذلوها.
يا شباب مصر أنتم عدة المستقبل، أقدموا ولا تترددوا.
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر.
والله المستعان.
| |
|